اعتقالات النشطاء على “تويتر” بتهمة الإساءة للذات الملكية تكريس للديكتاتورية

قوائم الصحفيين السوداء سياسة إستهداف “بالية” و”مفضوحة” للرأي العام

براءة المتهمين بتعذيب ومقتل المدون زكريا العشيري تكريس لواقع الدولة المنفلتة

لندن، 13 مارس/ أذار 2013: تعبر رابطة الصحافة البحرينية عن بالغ الأسف للأحداث الأخيرة التي شهدتها البحرين جراء استمرار سياسة الإقصاء وقمع الحريات الإعلامية والصحافية واستمرار السلطات الأمنية والقضائية في استهداف الصحافيين والمصورين ونشطاء الإنترنت. وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول جدية النظام الحاكم في تصحيح مسار التراجعات التي تشهدها البلاد منذ عامين ونيف. إن رابطة الصحافة البحرينية وهي على مقربة من إصدار تقريرها الشامل والراصد لحرية الصحافة في البحرين خلال العام 2012، فإنها تؤكد ضرورة أن تمارس الدول، الهيئات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير والصحافة، والمنظمات الحقوقية الدولية مزيد الضغوط على السلطات البحرينية لإيقاف إنتهاكاتها المستمرة، فضلاً عن تحقيق العدالة المفقودة فيما يتعلق بـالتحقيق في قضايا القتل والتعذيب التي نتج عنها مقتل 3 مواطنين (المدون زكريا العشيري/ الناشر كريم فخراوي/ المصور أحمد اسماعيل) بالإضافة لإعتقال وتعذيب وسجن عشرات الصحافيين والمصورين.

البحرين: عدوة للإنترنت

هذا وأقدمت السلطات البحرينية يوم الإثنين 11 مارس الجاري على اعتقال 6 نشطاء الكترونيين بحرينيين على خلفية التعبير عن الرأي في موقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، وهو ما أكده عن الجانب الرسمي رئيس النيابة الكلية نايف يوسف في بيان صحافي يوم أمس 12 مارس 2113، حيث تقرر حبس المعتقلين تمهيداً لإحالتهم للمحاكمة القضائية بتهمة “المساس بالذات الملكية”. وعرف من بين المتهمين المحامي مهدي البصري. وإذ تعتبر رابطةُ الصحافة الإعتقالات صورة من صور القمع الرسمي لحرية الرأي والتعبير في الجزيرة المكتظة سجونها بمعتقلي الرأي، فإنها تتزامن أيضاً مع تصنيف تقرير صادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” للبحرين بالدولة “المعادية للانترنت”، لافتة إلى “تزايد استخدام التكنولوجيا التي تراقب النشاط على شبكة الانترنت واعتراض الاتصالات الالكترونية من أجل القبض على الصحافيين، والمواطنين الصحافيين والمراسلين”. وتأتي هذه الإعتقالات كدليل جديد على صدقية بيانات وتقارير حقوقية دولية متتالية تؤكد إستمرار السياسات المعادية لحرية الرأي والتعبير في البلاد.

الجدير بالذكر أن القضاء البحريني كان قد أصدر أحكاماً أواخر العام الماضي 2012 بالسجن بحق 4 نشطاء في موقع “تويتر” بالحبس بتهمة “إهانة الملك”، كما تعرض رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان – المعتقل حالياً – نبيل رجب ومسؤول الرصد بالمركز ذاته يوسف المحافظة لمحاكمات قضائية تتعلق بحرية الرأي والتعبير على الموقع ذاته. وبالتالي يكون مجموع من تم تقديمهم للمحاكمات القضائية على خلفية الكتابة في “تويتر” خلال الشهور الستة الماضية، قد بلغ 12 مواطناً. وذلك بحسب إحصائيات الرابطة.

قوائم سوداء للصحفيين

كما وتدين رابطة الصحافة البحرينية منع دولة الإمارات العربية المتحدة دخول رئيس تحرير صحيفة الوسط البحرينية منصور الجمري، وزوجته الصحافية ريم خليفة، من دخول أراضيها يوم الاثنين الموافق 25 فبراير/ شباط الماضي، وذلك دون إبداء أي أسباب.

ومع تكرار حالات المنع للإعلاميين والنشطاء الإلكترونيين من دخول العديد من الدول العربية التي تربطها بالحكومة البحرينية علاقات وثيقة، تعود قوائم الصحفيين والحقوقيين السوداء للبروز، خصوصاً مع تأكيد العديد من الممنوعين أن السلطات في منافذ هذه الدول أكدت لهم وجود قوائم منع صادرة من السلطات البحرينية تجاههم.

يذكر أن منصور الجمري سبق له الدخول للإمارات العربية المتحدة عدة مرات، منها، حين تم تكريمه من قبل نادي الصحافة في دبي العام 2010 حين منحت صحيفة “الوسط” جائزة التميز لذلك العام. كما تعرضت الصحافية ريم خليفة لملاحقات قضائية ومحاولات إستهداف متكررة من جانب السلطات القضائية.

هذا وتدعو رابطة الصحافة البحرينية السلطات البحرينية وسلطات الدول الملتزمة بقوائم المنع (مصر/ الإمارات/ الكويت/ الأردن) للسماح بحرية التنقل للصحافيين ونشطاء الإنترنت البحرينيين وإيقاف العمل بالقوائم السوداء التي لا غطاء قانوني لها، كما أنها تعبتر خرقاً فاضحاً لتعهدات هذه الدول بإحترام حقوق الإنسان أمام المجتمع الدولي. كما وتؤكد الرابطة على ضرورة أن تكف السلطات البحرينية عن الملاحقات القائمة للصحافيين والمصورين ونشطاء الإنترنت في البحرين وخارجها.

زكريا العشيري: العدالة المفقودة

كما وتدين رابطة الصحافة البحرينية قرار المحكمة الكبرى الجنائية برئاسة أحد أفراد العائلة الحاكمة “الشيخ محمد بن علي آل خليفة”، يوم أمس ( 12 مارس 2013 ) ببراءة 5 شرطة – من الجنسية الباكستانية – متهمين بتعذيب وقتل رئيس منتديات الدير الإلكترونية المدون زكريا العشيري في 9 ابريل 2011، وذلك أثناء اعتقاله في سجن الحوض الجاف. وهو ما أكده تقرير بسيوني في الفقرة 1001 نصاً:”وترجع وفاة زكريا العشيري إلى تعرضه للتعذيب في سجن الحوض الجاف”.

وإذا تعتبر رابطة الصحافة البحرينية الحكم الصادر تأكيداً على العدالة المفقودة في القضاء البحريني، فإنها لتستنكر بأشد العبارات إستمرار السلطات البحرينية في إدعاءاتها الفارغة تنفيذ توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق “لجنة بسيوني”، وهي اللجنة التي أكدت في تقريرها الصادر في 23 نوفمبر 2011 على تقديم المسؤولين الفعليين من مدنيين وعسكرين عن عمليات القتل والتعذيب التي شهدتها السجون ومراكز التوقيف التابعة لقوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية للمحاكمة. وهو ما لم تلتزم السلطات البحرينية بتنفيذه.

لقد قدمت السلطات الأمنية في البحرين صغار المجندين – من الجنسيات الأجنبية – عن قضية تعذيب وقتل المدون زكريا العشيري للمحاكمة دون المسؤولين الفعليين من الرتب الرفيعة، وهاهي أيضاً، تقرر الحكم ببراءة المتهمين في محكمة يرأسها أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وهو ما يؤكد أن سياسة الإفلات من العقاب هي منهج ثابت ورئيس لدى مؤسسة الحكم والسلطات التابعة لها، التنفيذية منها والقضائية على حد سواء.

وتؤكد رابطة الصحافة البحرينية على أن تعهدات الحكومة البحرينية الإلتزام بتنفيذ توصيات بسيوني وقبولها بتنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة – وبحسب ما ترصده الرابطة على أرض الواقع فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير والحريات الإعلامية والصحافية – لا تزيد عن سياسة إطلاق الوعود والتعهدات الشفهية الفارغة، فيما تستمر على الأرض الإنتهاكات وحملات التضييق وسياسات القمع والإستهداف للحريات الإعلامية والصحافية فاعلة، وفي تصاعد. وهو في المحصلة تكريس لواقع الدولة المنفلتة.

زر الذهاب إلى الأعلى