حرية التعبير في البحرين: إنتكاسة لم تتغير

21 مايو –  19 سبتمبر 2012

لندن، السبت 15/9/2012: تدعو رابطة الصحافة البحرينية – وهي رابطة تعنى بالدفاع عن الإعلاميين البحرينيين ومقرها لندن – الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة المنعقد في جنيف بتاريخ 19 سبتمبر 2012 إلى ممارسة أقصى الضغوط على السلطات البحرينية فيما يتعلق بحرية التعبير والإعلام والصحافة في البلد الذي يرزح تحت سياسات قامعة للحريات منذ عام ونيف.
وتهيب الرابطة بالدول الأعضاء في المجلس التأكيد على خطورة الإنتهاكات والجرائم المستمرة في البحرين والمتعلقة بحرية التعبير والرأي والضمير، وهو ما تسبب في مقتل ثلاثة إعلاميين منذ 14 فبراير 2011 ومحاكمة واقالة وتعذيب المئات من الإعلاميين والصحافيين والنشطاء الحقوقيين، وذلك بتهم ومحاكمات ترتبط بممارسة الحق في التعبير والرأي.
الإنتهاكات مستمرة
ولقد تابع جهاز الرصد في رابطة الصحافة البحرينية التطورات الحاصلة في البحرين على صعيد الإعتقالات وعودة الإعلاميين المفصولين وما انتهت له المحاكمات القضائية منذ إنتهاء اعمال جلسة مجلس حقوق الإنسان في 21 مايو 2012، ومن المؤسف أن نقول أنه لم يصل لضمير العاملين في جهاز الرصد أي اطمئنان إلى أن السلطات البحرينية قد قامت بأي إجراءات ملموسة في الوفاء بتعهداتها أمام المجلس أو منظمات ومؤسسات حقوق الإنسان والأسرة الدولية، وهو ما يفاقم المخاوف من أن السياسات حكومة البحرين القامعة للحريات لا تزال مستمرة.
ومنذ تقديم المجلس توصياته 176 والتي تناولت موضوعة حرية التعبير في أكثر من سياق، استمرت السلطات البحرينية في استهداف الإعلاميين والصحافيين وتقييد حرية التعبير من خلال العديد من الإجراءات.
المماطلة في المحاكمات
لا تزال السلطات البحرينية تماطل في محاكمة المسؤولين عن قتل الناشر كريم فخراوي والمدون زكريا العشيري (قُتلا العام 2011 أثناء احتجازهما تحت التعذيب بحسب تقرير اللجنة الدولية لتقصي الحقائق – تقرير بسيوني) والمصور أحمد اسماعيل (قتل في 31 مارس 2012 على يد ميليشيات تابعة لوزارة الداخلية) وتعذيب عشرات الصحافيين، منهم الصحافية نزيهة سعيد إذ أجلت المحكمة قضية تعذيبها الى 7 أكتوبر 2012، ضمن سلسلة المماطلات القضائية في محاكمة الضباط المسؤولين عن قضايا القتل والتعذيب التي طالت الإعلاميين والصحافيين.
وتعتمد السلطات البحرينية للمماطلة في محاكمة المتورطين في قضايا القتل والتعذيب تقديم عدد من الشرطة الأجانب للمحاكمات ومد أجلها هرباً من الوصول لأي أحكام قضائية، وذلك دون أي مراعاة للقانونين المحلي والدولي في مثل هذه القضايا التي لا يزال المتهمون فيها أحراراً مع أن التهم الموجهة لهم هي القتل والتعذيب، وفي المقابل، تتحفظ السلطات الأمنية على أكثر من 800 معتقل بتهم المشاركة في مسيرات غير مرخصة.
الأكثر من ذلك، فقد استمرت الملاحقات الأمنية لعائلات الإعلاميين الضحايا، فلقد تعرضت زوجة الناشر عبد الكريم فخراوي إلى المطاردة من قبل أحد عناصر الأمن بينما كانت تشارك في مسيرة في العاصمة والإعتداء عليها.
أحمد رضي: ضريبة الكلام
تستمر السلطات البحرينية في التحفظ على الصحافي أحمد رضي منذ 16 مايو الماضي على خلفية تصريحات صحافية لهيئة الإذاعة البريطانية – القسم العربي – كانت مناوئة لفكرة الإتحاد بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين. وقامت السلطات البحرينية بتلفيق تهمة المشاركة في مسيرة غير مرخصة للتحايل أمام الرأي العام المحلي والدولي. وكان الصحافي رضي قد أرسل لمحاميته المحامية ريم خلف رسالة أكد فيها تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة وإجباره على التوقيع على إعترافات وهو مغمض العينين لثلاث مرات دون أن يسمح له بقراءتها.
كما قامت السلطات البحرينية في الثاني من اغسطس الماضي بالإعتداء على الصحفي المصور ومراسل وكالة الأنباء الألمانية مازن مهدي. وتعرض مهدي إلى الضرب على أيدي مليشيات مدنية يُعتقد أنها تابعة إلى وزارة الداخلية فيما كان يقوم بتغطية فعالية احتجاجية دعا لها تنظيم معارض بمنطقة بني جمرة شمالي العاصمة المنامة.
ولا تزال السلطات البحرينية مستمرة في محاكمة المدونيين ونشطاء الإنترنت كالمدون علي عبدالإمام والمدون عبدالجليل السنكيس المحكومين بأحكام قضائية تصل إلى السجن المؤبد في قضايا تتعلق بحرية التعبير عن الرأي. خلاف منع السلطات البحرينية العديد من الصحافيين الاجانب من دخول البحرين.
الجوع من أجل الحرية
ومنذ إصدار تقرير اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق (تقرير بسيوني) في نوفمبر 2011 وحتى إعداد هذا البيان ورغم تعهد الحكومة البحرينية بإعادة جميع المفصولين إلى وظائفهم، لا يزال أكثر من 100 إعلامي من مختلف التحصصات والوظائف (صحافيون/ مصورون/ معدون تلفزيونيون/ مخرجون/ مدونون) ينتظرون وفاء السلطات البحرينية بتعهداتها. وكما يبدو فإن السلطات تبدو مصرة على أن تدير حرب تجويع لكل يقدم رأياً مخالفاً لوجهة النظر الرسمية للصراع السياسي في البحرين، وبما يشبه – بحسب الإعلاميين في البحرين – طريقة محاكم التفتيش في القرن الثالث عشر.
ولا تزال هيئة شؤون الإعلام – الجهاز الحكومي المسؤول عن الإعلام – يتصدر والصحف المحلية المملوكة لأطراف نافذة في العائلة الحاكمة ومتنفذون قائمة المؤسسات التي ترفض إعادة الإعلاميين لأعمالهم على خلفية مشاركتهم في المطالبة بالإصلاحات الوطنية خلال شهر فبراير/شباط 2011.
البحرين: عدوة للإنترنت

التوصيف الذي اطلقته منظمة مراسلون بلا حدود على البحرين بأنها دولة عدوة للإنترنت كان من أكثر التعابير دقة، ولا تزال السلطات البحرينية تترصد للإعلاميين والنشطاء الحقوقيين في مواقع التواصل الإجتماعي التي أصبحت المتنفس الوحيد لهم بعد إحكام الدولة سيطرتها على الإعلام المسموع والمرئي، وبما يشمل اعتماد سياسة التشويش على بث قناة اللؤلؤة – قناة بحرينية تبث من العاصمة البريطانية لندن.
كما وأعلنت الحكومة البحرينية على لسان القائم بأعمال مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الإلكتروني والاقتصادي عن قيام وزارة الداخلية بما أسمته (التصدي لعمليات التشهير والإساءة التي تتم من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت).
وتعتبر رابطة الصحافة البحرينية هذا الإعلام تمهيداً للمزيد من التجاوزات والإنتهاكات والتضييق على حرية التعبير في البلاد، خصوصاً مع اعتقال العديد من الإعلاميين والنشطاء الحقوقيين على خلفية قضايا تتعلق بالنشر الإلكتروني، وفي مقدمة الذين تم استهدافهم ومحاكمتهم رئيس مركز البجرين لحقوق الإنسان نبيل رجب.
التوصيات
وتناشد رابطة الصحافة البحرينية الدول الاعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة وشتى المنظمات والهيئات والإتحادات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإعلام والصحافة وحقوق الإنسان الى التدخل في البحرين للضغط على الحكومة البحرينية لضمان سلامة الإعلاميين في البحرين. وتتطلع الرابطة إلى تنفيذ الإجراءات التالية:

 

  •   تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وبمشاركة دولية في مقتل كل من المدون زكريا العشيري والناشر كريم فخراوي والمصور احمد إسماعيل واعتقال وتعذيب عشرات الإعلاميين والصحافيين، وتقديم المسؤولين عن عمليات القتل والتعذيب لمحاكمات عادلة.
  •   تعهد الحكومة البحرينية السماح بإيفاد مراقب دائم للهيئات الدولية المعنية بحرية الإعلام والصحافة (الإتحاد الدولي للصحفيين/ منظمة مراسلون بلا حدود/ لجنة حماية الصحفيين) للعمل كمراقب دائم لمدة عامين، وذلك بهدف الإطلاع والرقابة المباشرة على ما تشهده البحرين من انتهاكات وتجاوزات واستهداف للإعلاميين والصحافيين في البحرين.
  •   ايقاف العمل بقانون رقم 47 لتنظيم الصحافة والطباعة والنشر، وإطلاق سراح الناشطين الإعلاميين والمدونين المعتقلين في السجون البحرينية ممن تتعلق تهمهم بحرية التعبير على الفور وإيقاف جميع المحاكمات الجارية للإعلاميين البحرينين امام المحاكم الجنائية، وكذلك مراجعة الأحكام الصادرة على المدونيين البحرينيين بالسجن تحت جرائم النشر. واعلان ايقاف الدعاوى المتبقية في النيابة العامة البحرينية وحفظها.
  •   إعادة جميع الصحافيين والمصورين والمدونيين المفصولين الى أعمالهم في المؤسسات الحكومية والخاصة، وإقرار تعويضهم عما لحق بهم من أضرار مادية ومعنوية.
  •   فصل إدارة شؤون الإعلام الخارجي عن هيئة شؤون الإعلام الحكومية، وتشكيل لجنة مؤقتة لتنظيم الصحافة والإعلام بإدارة صحافيين بحرينيين منتخبين لحين تشكيل هيئة عليا منتخبة لتنظيم الطباعة والنشر في البلاد. وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في النهج الإعلامي الذي تبنته هيئة الإذاعة والتلفزيون خلال الأحداث الاخيرة في البلاد وتقديم المسؤولين عن الإنتهاكات التي أثبتها تقرير اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق للمحاسبة.
  • وقف كافة أشكال الإضطهاد والتعدي والإستهداف على الإعلاميين والصحفيين والنشطاء، ووقف الإجراءات الأمنية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى