5 إجراءات تحتاج البحرين القيام بها لضمان حريات حقيقية للإعلام

5 copy

لندن – رابطة الصحافة البحرينية: يستمر تدهور سمعة البحرين في جميع المؤشرات الدولية المعنية بحرية الإعلام. على سبيل المثال فقد أدرجت منظمة “فريدوم هاوس” في تقريرها السنوي لحرية الصحافة العام 2014 البحرين في المرتبة الثانية كأسوأ بلد عربي بعد سوريا. كما حازت البحرين على تصنيف “دولة عدوة للإنترنت” في آخر ثلاثة تقارير سنويّة للمنظمة.

هذا العام 2015 قامت منظمة “مراسلون بلا حدود” بوضع البحرين في ذيل ترتيبها للحريات الصحافية على مستوى العالم عبر منحها المرتبة 163 ضمن قائمة تضم 180 دولة بما يعني بقاءها في “الخانة السوداء”. إنه وضع مقلق ما من شك. فهل هناك طريقة لتحسينه؟ فيما يلي أهم 5 اجرءات تستطيع البحرين القيام بها من أجل ضمان حريات حقيقية للإعلام والصحافة وتأهيلها لتجاوز تركتها السوداء

newspaper-coal-news1

إقرار قانون عصري للإعلام

يحتوي قانون الصحافة الحالي “قانون تنظيم الصحافة والطباعة والنشر” الصادر في 2002 على ما يقل عن 6 مواد  تنص على عقوبات جنائية في حق الصحفيين شاملة حبسهم. كما يتجاهل التطرق إلى أية تشريعات تتصل بمجاليّ الإعلام التلفزي والإذاعي. ما يسهّل ذلك عمليّة احتكار الدّولة لهذين اللونين من النشاط الإعلامي.

لقد تفادى القانون الجديد “قانون الإعلام والاتصال” الموجود حالياً بحوزة البرلمان الإشارة إلى حبس الصحفيين كنص صريح واستعاض عن ذلك بالغرامة. غير أن تلك التعديلات احتفظت بنص يأتي في بداية المواد المتعلقة بالعقوبات يقول “مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر”. وهو ما يعيد ربط القانون الجديد بقانون العقوبات الذي يتضمن موادا تتعلق بالرأي والتعبير والنشر متطابقة في النص مع قانون الإعلام ولكنها تعاقب بالحبس. وطبقاً لرأي متخصص فإن “هذه التعديلات لا قيمة لها ولن تؤدي إلى أي تغيير مادامت أخوات هذه المواد الموجودة في قانون العقوبات لم تلغ”.

لقد نص القانون الجديد على السماح بإنشاء قنوات خاصة، لكنه ترك للوزير حرية “منع إيقاف ومنع بث أي مواد إذاعية أو تلفزيونية أو إلكترونية إذا تضمنت مامن شأنه أن يمثل تهديداً للنظام العام”. وهو باب يفتح ذريعة لمصادرة أي رأي بحجة تهديد النظام العام. إن فتح الحريات الإعلامية والصحافية يتطلب قانوناً مستنيرا يسهّل عملية تأسيس المؤسسات الإعلامية ويوفر للصحفيين الحصانة القانونية من ملاحقتهم في تهم تتعلق بالرأي.

download

كسر احتكار الإعلام المرئي والمسموع

تقوم السلطات بعملية احتكار شاملة لجميع وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. إذ لا توجد أية قناة تلفزيونية أو إذاعية غير مملوكة للحكومة. ورفضت جميع الطلبات التي تقدمت بها جهات ذات مصالح مختلفة في البحرين لفتح قنوات تلفزيونية بينها طلب لجمعية “الوفاق”.

في العام 2012 سمحت السلطات بإطلاق قناة “الاتحاد” على أساس أنها قناة خاصّة؛ لكن تبيّن أنها قناة تابعة إلى الحكومة أوكلت لها مهامّ شتم وإهانة المعارضين بالكيفيّة التي أصبح متعذراً استخدامها في وسائل الإعلام الوطنية، خاصة بعد تقرير “بسيوني” الذي أقرّ باستخدام تلفزيون البحرين لغة تحريضية وحاطّة بكرامة المعارضين.

وعلى الرغم من الوعود المتكرّرة لوزراء الإعلام المتعاقبين بفتح المجال أمام الاستثمار في المجال الاعلامي والقنوات الخاصة إلا أن السلطات ما تزال تحكم قبضتها بقوّة على هذا اللون من الإعلام. ويجري السماح لبعض القنوات الأجنبية بفتح مكاتب خاصّة لها في البحرين، أغلبها تابعة إلى دول خليجية كقناة “السعودية الإخبارية” و”العربية” و”سكاي نيوز” بموجب قرارات سياسيّة. لكن يمنع عليها التطرق بأي شكل إلى الأوضاع في البحرين أو بث تقارير تتعارض مع الرواية الحكومية للأوضاع في البلاد.

وقامت البحرين في فبراير/ شباط 2015 بوقف بث قناة “العرب” وسحب ترخيصها بعد بثها لقاء مع شخصيّة معارضة. إن هناك حاجة حقيقيّة للسماح بفتح المجال الإعلامي ليعكس وجهات نظر مختلفة. لكنّ هذا لن يحصل ما لم يتم فتح المجال أمام الإعلام الخاص غير المملوك للدولة. وتكاد البحرين والسعودية وعمان الدول الوحيدة بين دول الخليج التي تضع في خانة المحرمات إنشاء القنوات الخاصة؛ وذلك على عكس الجاري في الإمارات وقطر والكويت.

 block

عدم التدخل في محتوى وسائل الإعلام

لا تكتفي السلطات في البحرين بإشاعة جوّ عام ضاغط يرسم لوسائل الإعلام المحلية حدوداً للمسموح وغير المسموح التطرق له ومنع نشر المواد الصحفية التي تتعارض ومصالحها. بل تستمر في تطبيق أدوات الرقابة المحكمة على محتوى جميع أجهزة الإعلام.

ويتمثل ذلك في التعميمات التي ترسل إلى الصحف بين الآونة والأخرى لمنع التداول في مواضيع محدّدة، وذلك طبقاً لقرارات إداريّة وأحياناً قضائية. كما جرى التدخل في منع نشر مواد صحافية طالت أعمدة صحافيين من الموالاة والمعارضة كسوسن الشاعر وطارق العامر وحمد الهرمي. وتعرضت مراسلة راديو “مونتي كارلو” و”فرنسا 24″ الصحفية نزيهة سعيد إلى التهديد بمقاضاتها بعد إذاعتها تقريراً عن التجنيس.

وخلال مارس/ آذار  2015 منعت السلطات صدور أي تصريح أو موقف يكون مخالفاً بأي شكل لتوجه البحرين بالمشاركة في عمليات عسكرية في اليمن. كما أصدرت المحكمة الجنائية الكبرى والنيابة العامة في خلال الأعوام الماضية العديد من القرارات التي تمنع من تداول قضية أو موضوع معين في الإعلام منها قضية “تقرير البندر” وقضية غسيل أموال تورط بها وزير سابق.

إن هذا المناخ يتعارض مع أبسط مبادئ حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور البحريني في فصل باب الحقوق والواجبات العامة. لذا فهناك ضرورة لكفّ الدولة يدها عن سياسات المحتوى في الصحف ووسائل الإعلام التي تتعارض مع مصالحها؛ وإشاعة مناخ يسمح بتعددية الآراء وتنوّعها.

 7

رفع الحظر عن المواقع الإلكترونية

صنفت منظمة “فريدوم هاوس” البحرين في تقريرها السنوي لحرية الصحافة في العام 2014 ثاني أسوأ بلد عربي بعد سوريا. إذ جاءت في الترتيب 188 عالميّاً تحت تصنيف “دولة غير حرة”. وفي مؤشر المنظمة لـ”الحرية على الإنترنت”، حصلت البحرين على نتائج أسوأ من العام الماضي سواء على صعيد الاعتداء على حقوق مستخدمي الإنترنت، أو القيود المفروضة على المحتوى من قبل الدولة، أو العوائق التي تصعّب من وصول المستخدمين إلى مواقع الإنترنت.

وطبقاً لتقرير آخر أصدرته “مراسلون بلا حدود” فإن البنية التحتية لشبكة الإنترنت في البحرين تخضع إلى سيطرة السلطات بشكل مطلق، مما يسهل عملية مراقبة المعلومات على الإنترنت، مصنّفة البحرين من بين الدول “أعداء الإنترنت”، للعام الثالث على التوالي.

يمكن ترجمة هذه المعطيات التي تطالعنا بها المنظمتان بشكل سنوي في الإجراءات المتزايدة التي تعتمدها السلطات ضدّ نشطاء الإنترنت ومديري المواقع الإلكترونية والمغرّدين. وتقوم السلطات باستغلال تهم مثل “إهانة الملك” و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” كذرائع جاهزة لملاحقة نشطاء الإنترنت.

وخلال شهر فبراير/ شباط الماضي 2015 أعلنت  القبض على 9 بتهم “إساءة استخدام وسائل التواصل”، وقامت بالتشهير بهم ونشر صورهم في وسائل الإعلام التابعة لها. كما اعتقلت 3 على الأقل في شهر مارس/ آذار الذي يليه بعد إدلائهم بتعليقات على وسائل التواصل انتقدت الحرب على اليمن.

ومنذ تأسيسها في عام 2013 عملت إدارة السلامة الالكترونية التابعة لوزارة الاتصالات على منع الوصول للإنترنت وتطبيقات واتساب وفايبر وسكايب خلال عدد من الاحتجاجات وكذلك العمل على إبطاء سرعة الإنترنت للمستخدمين لمنع تداول الأخبار إضافة إلى التجسس على النشطاء عبر زرع ملفات ضارّة في حواسيبهم.

ومنذ اصدار القرار رقم 1 لعام 2009 الذي يعطي هيئة شئون الإعلام سلطة حظر المواقع الإلكترونية قامت الهيئة بغلق أكثر من ألف موقع إلكتروني منها منتديات حوار ومواقع سياسية معارضة ومواقع دينية للطائفة الشيعية. كما منعت بث تطبيق “أصداء” الإذاعي لجمعية “الوفاق”. إن تصوّر بيئة مزدهرة للإعلام الإلكتروني يبدأ بإزالة الرقابة عن مواقع الإنترنت وصحافة المواطن كالمدونات ووسائل التواصل الاجتماعي ما لم يكن هناك حكم قضائي والتوقف عن ملاحقة نشطاء الإنترنت نتيجة للآراء التي يدلون بها على الشبكات.

mazenMahdi 

وقف استهداف العاملين في الإعلام

طبقاً لقاعدة بيانات “رابطة الصحافية البحرينية” فإن هناك حوالي 295 حالة لاستهداف صحفيين سجلت خلال الأعوام الأربعة التي شهدت احتدام الاحتجاجات السياسية. شملت هذه الحالات أنماطاً مختلفة مثل الاعتقال والسجن والفصل من العمل والتعذيب والتهديد بالتعذيب إضافة إلى حالات القتل التي طالت ناشطا إلكترونيا وناشرا ومصورا.

وخلال هذا العام 2015 سجلت حوالي 73 حالة استهداف حصل أغلبها في خلال شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الذي شهد تصاعد موجة الاحتجاجات بالتزامن مع اعتقال أمين عام “الوفاق” الشيخ علي سلمان.

إن هذا الرقم يعد مرتفعاً مقارنة مع السنوات السابقة حيث سجلت الرابطة 53 حالة استهداف في 2013 على سبيل المثال، و40 حالة في 2012 وحوالي 129 حالة في 2011، ومع بروز نوع جديد من الاستهداف، وهو إسقاط الجنسية كما حصل مع إسقاط جنسية نحو أربعة صحافيين.

خلال العام 2014 استحدثت البحرين قانوناً يعاقب من يتهم بإهانة الملك علانية بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات. وقد تم استخدام هذا القانون بشكل مستمر لمعاقبة نشطاء الإنترنت والإعلاميين إلى جانب قانون “التجمهر” الذي تستخدمه السلطات لسجن المصورين ومنعهم من تغطية انتهاكات السلطة ضد المحتجين. وهو الأمر الذي تسبب في ارتفاع عدد حالات الاستهداف ضد الصحفيين.

إن تصور قيام بيئة حقيقية تنتعش فيها الحريات الصحفية لا يمكن أن يتم من دون وقف استهداف العاملين في مجال الإعلام بما يشمل الإفراج عن المصورين والإعلاميين المحتجزين بسبب مزاولتهم عملهم في تغطية الاحتجاجات أو ممارسة حقهم في حرية التعبير.

 

زر الذهاب إلى الأعلى